من هو؟
هو حنظلة بن أبي عامر الراهب، وُلِد قبل البعثة النبوية، وكان قويَّ الإيمان والطاعة لله سبحانه وتعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، كان أبوه أبو عامر الراهب يسعى قبل البعثة إلى معرفة من هو النبي الجديد الذي كان يقال له "نبي آخر الزمان"، وكان يجتهد في السؤال حتى يؤمن به.
ولما بعث اللهُ تعالى الرسولَ- عليه الصلاة والسلام- دبَّت الغيرة في نفس أبو عامر والد حنظلة، وأبى أن يدخل في دين الإسلام، لكنَّ اللهَ جل وعلا منح ابنَه حنظلةَ نور الهداية، فآمن بالله تعالى وصار من أشد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم إيمانًا وتصديقًا.
فضائله وأعماله في خدمة الإسلام
كان هذا الصحابي الجليل- رضوان الله تعالى عليه- من أكثر الناس حرصًا على خدمة الإسلام والنبي عليه الصلاة والسلام، وكان يحرص على ملازمة الرسول الكريم في كل مكان يذهب إليه ويعمل على المشاركة في كل عمل يأخذه النبي- صلى الله عليه وسلم- على عاتقه.
ومن أبرز تضحياته أنه ذات يوم أراد أن يتزوج وبالفعل تزوج من جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول، وكان في اليوم التالي قتالُ يوم أُحد بين المسلمين والمشركين، فاستأذن من الرسول الكريم أن يبيت عند زوجته، فأذن له الرسول، ولما حان الصباح خرج من منزله واتجه إلى القتال ضاربًا المثل الرائع في التخلِّي عن متاع الدنيا في الخروج إلى القتال في اليوم التالي لزواجه؛ حيث استغنى عن كل المتع واتجه إلى الجهاد في سبيل الله تعالى عالمًا بأنه قد يسقط شهيدًا ولا يعود إلى زوجته مرةً أخرى، كما أنه كان يتمنى أن يفديَ الرسول الكريم بماله وبنفسه وبكل ما يملك.
استشهاده في سبيل الله تعالى
كان حنظلة بن أبي عامر هذا الصحابي الكريم على موعد مع الشهادة في سبيل الله في غزوة أحد؛ حيث كان القتال على أشدِّه، وانكسرت صفوف المسلمين أمام الكفار في القتال، وفي أثناء القتال التقى حنظلة مع أبي سفيان بن حرب- وذلك قبل إسلام أبو سفيان- وضرب حنظلةُ أبا سفيان فأسقطه أرضًا، وهنا تختلف الروايات حول ظروف استشهاد الصحابي الجليل، فهناك من قال بأنه سقط بضربة رمح من أحد المشركين، وهناك من قال بأنه سقط بضربة سيف من شداد بن الأسود، وعلى كل الأحوال فقد سقط شهيدًا في سبيل الله تعالى، وثبت في القتال ولم يولِّ الأدبارَ، ولما سمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقصة استشهاد حنظلة وكان قد علِم- عليه الصلاة والسلام- بخروجه في الصباح التالي لزفافه قال: "إن صاحبكم تغسِّله الملائكة".
وتوضح لنا ظروف استشهاد حنظلة وتعليق الرسول- عليه الصلاة والسلام- عليها أن الإنسان في علاقته بربه جل وعلا عليه أن يتناسى كلَّ زخارف الدنيا ومتعِها ومباهجِها بل وحتى همومها؛ من أجل أن يجيب دعوة الله تعالى، وفي المقابل فإن الله سبحانه وتعالى لا ينسى عبادَه المخلصين الطائعين، فها هو حنظلة يترك بيته وهو لم يكمل يومًا واحدًا من الزواج ويتجه إلى الجهاد، فيكون الثواب الإلهي هو الشهادة والغسل على يد الملائكة.